اثنان وثمانون عامًا نكرّر الاحتفال… لكن الاستقلال الحقيقي لم يمرّ يومًا من هنا
Home › Blog › اثنان وثمانون عامًا نكرّر الاحتفال… لكن الاستقلال الحقيقي لم يمرّ يومًا من هنا
اثنان وثمانون عامًا نكرّر الاحتفال… لكن الاستقلال الحقيقي لم يمرّ يومًا من هنا
November 21, 2025Share on
اثنان وثمانون عامًا نكرّر الاحتفال… لكن الاستقلال الحقيقي لم يمرّ يومًا من هنامنذ ١٩٤٣ ونحن نرفع العلم، ننشد النشيد، نمشي في العروض، ونتسامح مع كذبة جماعية تقول إنّنا “دولة مستقلّة”. لكن الحقيقة المُرّة أنّ لبنان، خلال اثنين وثمانين عامًا، لم يختبر يومًا استقلالًا كاملًا. كل عقدٍ تقريبًا حرب. كل فترة وصاية بشكلٍ من الأشكال. كل زمن احتلال… مرّة بوجهٍ ظاهر، ومرّات بوجوهٍ محليّة تتقن فنّ السيطرة بالنيابة.
نحتفل بعيدٍ نعرف جميعًا أنّه ناقص. استقلالٌ تُطفئه الانقسامات وتُشعل رماده السطوة، والقرارات المصادرة، والدولة التي تشبه ظلّ بيتٍ هدمته العواصف وبقي واقفًا من باب العناد.
لم نعرف وطنًا هادئًا لمدّة عشر سنوات متواصلة. الحرب تأتي دائمًا بأسماء مختلفة: مواجهة، صراع، اجتياح، اغتيال، جولة، توتّر، مساندة… لكن النتيجة واحدة: شعب ينتظر فجراً لا يأتي، واقتصاد ينهار ثم يُرمّم ثم ينهار من جديد، وأجيال تُربّى على الخوف بدل الحلم.
اثنان وثمانون عامًا والوطن معلّق بين صورتين: صورة الكتب المدرسية عن استقلالٍ مشرّف… وصورة الواقع عن بلدٍ محكومٍ بالابتزاز، محاصرٍ بالقوة، تُدار سياسته من خارج حدوده، وتُنهب ثرواته من داخلها.
نحتفل… نعم. لكننا نحتفل أكثر بالعناد. نحتفل بقدرة شعب على البقاء، على متابعة حياته رغم الخيبات، على التمسّك بما تبقّى من وطنٍ لم يسقط لأن الناس يأبون أن يتركوه يسقط.
الاستقلال الحقيقي ليس ذكرى. الاستقلال الحقيقي قرار. قرارٌ أن تكون الدولة وحدها سيّدة، القانون فوق الجميع،
في عيد الاستقلال الـ٨٢، لا نحتاج إلى خطاب تهنئة. نحتاج إلى صدمة. إلى اعتراف. إلى لحظة صدق: نحن لسنا دولة مستقلّة بعد.
لكنّنا نستحق أن نكون. ونملك القدرة أن نكون. يوم يقرّر اللبنانيون أن الاستقلال ليس مناسبة… بل معركة يومية.
وحين يتحوّل هذا القرار إلى فعل، فقط عندها يمكن أن نحتفل بعيد استقلال حقيقي للمرّة الأولى.