
ظبط بـ١٠٠ دولار… لننقذ لبنان من نفاياته
! ظبط بـ١٠٠ دولار… لننقذ لبنان من نفاياته
في بلدٍ يعاني من أزمات لا تنته، تبدو مشاهد النفايات المرمية على جوانب الطرقات وفي المساحات العامة وكأنها تعبيرٌ فاضح عن فشل جماعي في أبسط مظاهر المواطنة. لكن في خضم هذا الإهمال المزمن، تبرز خطوة بلدية عاليه كضوءٍ في نفقٍ طويل ومعتم: “غرامة ١٠٠ دولار لكل من يرمي نفاياته في الشارع”.
قد يبدو الرقم قاسياً للبعض، لكنه ضروري، بل ومُلِحّ. فحين تفشل النداءات الأخلاقية وحملات التوعية، لا يبقى سوى وسيلة واحدة فعالة: “الحكي من الجيبة”. وهذا ما أكّده رئيس بلدية عاليه وجدي مراد، الذي لم يخفِ يأسه من استمرار هذه الممارسات رغم جهود التنظيف والتحذير. فكان القرار: كاميرات تراقب، مخالفات تُسجَّل، وغرامات تُجبى.
لكن الأهم من الغرامة نفسها، هو الرسالة التي تحملها هذه الخطوة: أن الحفاظ على النظافة العامة لم يعد خياراً، بل مسؤولية قانونية تحاسب كل من يستهتر بها. إنها دعوة للوعي، ولتحمّل المسؤولية، ولوقف الاستهتار الذي يشوّه صورة البلدات اللبنانية، ويؤذي بيئتها، ويهدّد صحة أهلها.
اليوم، مطلوب من رؤساء البلديات كافة أن يخرجوا من دائرة “التحذير” إلى دائرة “التنفيذ”. أن يتحلّوا بالشجاعة الإدارية، ويكسروا جدار التراخي. فالمطلوب ليس فقط قرارات على الورق، بل إجراءات على الأرض، تحمي الشارع من القمامة، وتحمي الناس من أنفسهم أحياناً.
تطبيق المخالفات على من يرمي النفايات ليس استقواءً على المواطن، بل وقوف إلى جانبه. هو حماية للفضاء المشترك الذي نتقاسمه جميعاً، وهو تربية مدنية نحتاجها بشدة، بعدما تخلّى عنها التعليم والإعلام والسياسة.
فلنتخيّل قرى وبلدات نظيفة، بلا أكياس نفايات متناثرة، بلا عبوات فارغة ترقص مع الريح، بلا روائح تزكم أنوف العابرين. بلدات يفتخر بها أهلها وزوّارها. هذا الحلم ليس بعيداً… لكنه يحتاج إلى “قرار بـ١٠٠ دولار”.
فليكن ما بدأته بلدية عاليه نموذجاً يُحتذى، وخطوة أولى في طريق طويل نحو بيئةٍ نظيفة، وشوارع تُحترم، ومواطنٍ يُحاسَب.
الكرة في ملعبكم، يا رؤساء البلديات.