main-banner

قد تتشابه زحلة مع غيرها من المدن في لبنان والعالم في العديد من الخصائص، لكنّها حتماً تتمايز عنها في الكثير من العناصر والمميّزات، وهي لا شكّ تجعل منها مدينة فريدة من نوعها شكلاً ومضموناً. فالمدينة التي تيمّم وجهها نحو الشمس، وتتّكئ على سفح جبل صنين، تغزل من قرميد منازلها تاريخاً عريقاً يتردّد صداه في جنبات السنين…

زحلة حارسة السهل.. جارة الوادي تغفو على خرير البردوني وتسهر مع أحمد شوقي وتطرب مع عبد الوهّاب. زحلة تتعملق مع سعيد عقل وتهاجر مع المعالفة (فوزي وشفيق المعلوف) وتحدِّث الشعر مع ميشال طراد. زحلة تعلو القامات الكبيرة التي علت من شأنهم وعلوا من شأنها، قدّمت للبنان العديد من الشعراء والأدباء والمفكّرين ورجالات الدولة من بينهم رؤساء جمهوريّة… ولأنّها مهبط الوحي والشعر والإلهام، هي نموذج للمدينة اللبنانيّة الفريدة والمميّزة التي تميّزت بكرم أهلها ورجولة أبنائها، فأطلق عليها «مربى الأسود».. هي دار السلام، وعروس البقاع..

زحلة التي تُعتبر عاصمة البقاع، هي ثالث مدن لبنان بعد بيروت وطرابلس. تقع في قلب لبنان على مسافة متوسّطة بين شماله وجنوبه، غربه وشرقه. تبعد عن العاصمة بيروت حوالى خمسين كيلومتراً، وتعلو عن سطح البحر 966 متراً، تلتحف جبل صنّين وتشرف على منبسطات سهل البقاع الخصب، الذي أطلق عليه، ذات يوم، بأنّه «إهراء روما».

زحلة تشغل موضعاً متميّزاً في وادٍ بين تلّتَين متقاربتَي العلو، وارفتَي الظلال، ويخترقها نهر البردوني الذي ينبع من جبل صنين، وينحدر في وسط زحلة ليشطرها إلى قسمَين شبه متوازيَين، الأوّل شرقي ويضمّ أحياء وادي العرائش، البربارة، الميدان، حوش الزراعنة، المعلَّقة، الكرك (المعروف بكرك نوح) وحيّ السيّدة المعروف بالمدينة الصناعيّة.

الثاني غربي ويشمل أحياء الراسية، سيّدة النجاة (المعروف بـ «حي المعالفة»)، مار انطونيوس، مار جرجس ومار مخايل، مار الياس، حوش الأمراء، التويتي وكساره.

ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ زحلة تقع وسط أهمّ المواقع الأثريّة التاريخيّة كبعلبك وعنجر ونيحا، وهي قريبة من مواقع التزلّج ما يجعل منها مدينة سياحيّة بامتياز وعلى مدى الفصول الأربعة.

تبلغ مساحة المدينة العقاريّة، في نطاقها البلدي حوالى 75 كلم2.

يُقدَّر عدد سكّانها المقيمين بحوالى مئة وخمسين ألف نسمة، والمغتربين والمتحدِّرين من أصل زحلي بحوالى ثلاثمئة ألف، معظمهم في البرازيل والولايات المتّحدة الأميركيّة وكندا وأستراليا. أصل التسمية

تضاربت آراء المؤرّخين حول أصل اسم زحلة: فمنهم مَن ردّها إلى الأرض الزاحلة، إذ إنّ طبيعة أرضها وبنيتها الجيولوجيّة تختلف عن سواها بزحلها، خصوصاً في الأحياء الغربيّة حيث كانت تحصل سنويّاً زحولات. ومنهم من ردّ اسمها إلى «زحلان»، أحد ملوك بني هلال، ويحتمل أن يكون سكن زحلة إثر الاحتلال العربي للبقاع في القرن السابع الميلادي فأُطلق اسمه على المدينة، ومنهم مَن ردّها إلى كوكب «زحل» هذا الكوكب الذي عبده الرومان وجعلوه إله الخصب، وذلك بعدما اكتشف فيها آثار رومانيّة. هذه الاحتمالات المختلفة تدلّ على أنّ زحلة مدينة لها تاريخها العريق.

زحلة مدينة الخمر ..والشعر

الكرمة رمز المدينة، فدواليها تظلّل معظم أماكنها، وعناقيدها كاللؤلؤ المنثور، وهي من أنواع تصنّف عالميّة لمذاقها الخاصّ غير المتوفّر في المناطق والبلدان كلّها. وقد خصّصت مدينة زحلة أسبوعاً كاملاً في شهر أيلول للاحتفال بعيد الكرمة رمز المدينة.

قليلة المدن التي تغنّى بها الشعراء والأدباء كما تغنّوا بزحلة، فالأقلام التي تناولتها شعراً ونثراً كادت أن تجعلها تتفوّق على بغداد والشام والأندلس ووادي النيل… من أبرز الشعراء الذين تغنّوا بزحلة الأخطل الصغير، خليل مطران، الياس أبو شبكة وأحمد شوقي.

 

وادي البردوني

تتميّز زحلة بوادي البردوني، بهندسته اللبنانيّة الأصيلة، وهي على بساطتها تعكس روح الزحلي الميّال إلى هناءة العيش وراحة البال. تقتصر هندسة الوادي الطبيعيّة على اصطفاف المقاهي في خطَّين متوازيَين يفصل بينهما نهر البردوني الهادر أبداً في قلب الوادي الظليل.

مطاعم ومقاهي على ضفاف البردوني

مطاعم ومقاهي على ضفاف البردوني

المصدر: جوهرة شاهين | al mughtareb

logo

All Rights Reserved 2022 Loubnaniyoun

 | 
 |