مشكلة لبنان الحقيقية ليست في الطائفية بذاتها، بل باللجوء الدائم والمستمر إليها من قبل الزعماء والقيادات من أجل شد العصب وتحويل الأنظار عن الفشل في إدارة الدولة، والاستمرار رغم ذلك في المواقع بحجة حماية الطائفة.
هذا هو الواقع الفعلي لما نشهده، لأن الطائفية ليست سوى ذريعة يستخدمها من هم في السلطة من أجل الحفاظ على مكتسباتهم، في حين أن الشعب العادي لا يتوقف عند هذه التفاصيل.
تخيلوا مثلا مكتب هندسة في بيروت، هل يدخل الموظفون إليه ويحصون عدد المسلمين أو المسيحيين؟ أو يعتبرون أن وضع شجرة ميلاد أو الصوم في رمضان انتقاص من الطوائف الأخرى؟ أو يسعون لتوظيف أشخاص من طائفة معينة للحفاظ على التوازن؟ أو يقومون بعملهم بطريقة عادية من دون أي انجرار للطائفية؟
لكن إذا أراد مدير هذا المكتب استمالة البعض إليه من دون حجة معينة، يقلب المسيحي على المسلم والعكس، فيحافظ على موقعه بحجة حمايتهم.
هذه هي الحال في لبنان، فلا تدعوا حجج الطائفية تسقط أحلام الشعب، لأن الناس لا يكترثون لها إن لم تقوموا أنتم بتأجيجها.