main-banner

لعل العيد يزورني ليلا … لعلني أعود الى وطني

ها هو العام العجوز يلفظ انفاسه الأخيرة, وها هو العالم يتحضر لاستقبال العام الجديد… تجوب الشوارع الفرنسية فتُدهشك الزينة الميلادية وزحمة المارة في كل الاتجاهات… الجميع في أجواء من الفرح, تقتظ المحال التجارية بزبائنها ويعود كل مرء الى مدينته لتمضية العطلة مع العائلة… تشاء النفس أن تتأقلم مع واقعها, أن تندمج في بيئة تجهلها وأن تزرع البسمة على وجه يدّعي البهجة, فتخونها جذورها و تصرخ: أين أنا ؟ العيد ليس هنا, العيد هناك…

العيد في وطني, هناك حيث الأحباب ينتظرون… لا شيء يعوض دفء العائلة وكلما اقتربت الأعياد, زاد البرد في داخلك و عاد الحنين ليشاركك أمسيات الغربة الطويلة… صحيح أن البعد في المسافات لا يعني البعد عن القلوب، لكن العيد خارج الوطن, يفقده تلك الروحانية التي تسود أجواء الليالي بين الأهل و الأصدقاء, فتخرج في محاولة لاستعادة معنى العيد في الغربة, فتتفاجأ بوجوه يملأها الهموم والمشاكل, فتعود منكسرا ولا تجد من يشاركك فرحة العيد… كما أن نار الأشواق لا يخمدها اتصال هاتفي مع الأهل أو تواصل بالصوت و الصورة عبر مواقع التواصل, ففي رمزية العيد ما يدفعك الى الثورة على الذات و الانقضاض على مشاعرك المتأقلمة مع غربتها. فتعود طفلا صغيرا, الى حيث وُلدت, الى أحضان أمّ لا تريد مغادرة أحضانها. تُريد أن تكبر و أن تترعرع من جديد على تراب الوطن و أن لا يسرقك الزمن لتصحو و انت في غربة عن نفسك و عن وطنك…. يمر العيد تلوى العيد ولا نعود… نحبس أنفسنا في الكون الواسع, وكلما يحين وقت الافراج عنا, يزيد سجّان الغربة من سنين الحكم, لتغدو العلاقة مع الوطن صراع مع الوقت. و لطالما غلبنا و مرّت الأيام من دون أن ندري فضاعت أوقات جميلة لا يمكن استرجاعها….

يا لها من سعادة حرمتنا منها الغربة و يا له من يوم عيد يمر كغيره من الأيام. هنا العيد قاس, كقساوة الجبال المحيطة بنا. هنا المشاعر باردة, كبرودة الجو في الخارج…سأفتح بابي و أنام, لعل العيد يزورني ليلا. لعلني أعود في حلمي الى وطني, الى حيث أحب أن اكون..

بقلم مغترب لبناني…

logo

All Rights Reserved 2022 Loubnaniyoun

 | 
 |