سبق وحذرنا مرارا من أن الأحوال الجوية تبدأ بالتغير مع شهر أيلول، وهو أمر ليس بالغريب بما أن الأمطار غالبا ما تعود مع عودة فصل الشتاء، لكن تحذيراتنا كانت بمعظمها تصب في إطار واحد ووحيد، وهو أن النفايات في الطرقات لن تكون قادرة على استقبال الأمطار معنا. ما زالت الأكياس في الشوارع، وما زالت الجراثيم تدخل إلى جسمنا وجسم أولادنا من دون أن ندرك، وما زال المسؤولون في لبنان يتلهون إما بالتظاهر وإما بطاولة الحوار، بدل الالتفات إلى قضية النفايات التي كانت طارئة منذ اليوم الأول، فكيف بالحري اليوم.
مع العاصفة الرملية، تتخمر النفايات أكثر بالحر، وتتغطى بقشرة من الرمال، ثم تأتي الأمطار فتتحول النفايات وعصاراتها إلى مزيج من الأوساخ المغطاة بالوحل، فتمتزج بالتربة والمياه، وتدخل إلى بحرنا وإلى أراضينا، وإلى مزروعاتنا ومنازلنا، وإلى أطباقنا اليومية. كل هذا تعلمه الدولة جيدا، لكنها تؤجل الحلول فيما الناس يموتون في الشوارع وينتظرون أن ترفع النفايات معهم، لأن الفئران قرفت من كثرة النفايات، فماذا عن الإنسان إذاً؟
