main-banner

في دول العالم الثالث وما تحت

إذا كنت عاملا في مجال الصحافة والإعلام ونظرت الى الواقع بعين مجرّدة ستلاحظ أن الناس لا تختلف أو تتفق معك بحسب دقة المصادر التي توردها، بل بحسب اختلافك واتفاقك مع ما ألفوه ونشأوا عليه وتشرّبوه أو غُسلت به أدمغتهم.

من هنا يمكنك حتى كمواطن أن تستنتج أن معظم الناس يعارضونك بلا تفكير حين تخالف ما تبنّوه وصدقوه بصرف النظر عن الأدلة والمصادر التي تستشهد بها، أو قدرة الإقناع التي لديك، أو الحق الذي معك. لا تستغرب فهذا ما يحصل في دول العالم الثالث وما تحت…

فمهما كانت مصادرك صحيحية، يجدون لها مخرجاً سريعاً من خلال تجهيلك، أو نعتك بالخيانة أو عدم الفهم وربما تأويلك ما ما لم تقله أصلاً أو تقصده، وكل ذلك مع تجاهل حججك وأدلتك المنطقية والرد عليها بطريقة اقلّ ما يقال فيها إنها غرائزية.  

الحكم على كاتب مقال أو إعلامي أو خبير متخصص لا يبتعد عن هذه الآلية. فالناس تحكم على الكاتب ليس من خلال ما إذا كان على صواب أم على خطأ، بل من خلال هل هو معي أم ضدي. والصحافي في بلدان العالم الثالث مهما أورد من حقائق مبنية على مصادر موثوقة وأدلة وأرقام ومنطق، لا يمكنه الوقوف أمام عصبيَات ما تربى عليه الناس وما يسكنهم من أحكام مسبقة أدمنوها.

وبسبب هذه العقلية عند الناس في هذه الدول المتخلّفة، يتضاءل وجود الصحافيين الى حدّ الانتفاء ليحلّ محلّهم  المطبّلون المتملّقون، والمتلوّنون مع تغيّر الدفّة وفي الاتجاه الذي يقودهم اليه الزعيم أو الحاكم وما أكثرهم في بلادنا… وتلك هي الكارثة.

logo

All Rights Reserved 2022 Loubnaniyoun

 | 
 |