main-banner

أمّة تعشق الثرثرة

عندما أجرت شركات الاتصالات العالمية إحصائيات دقيقة عن أكثر الشعوب ثرثرة واستهلاكا للوقت عبر الهاتف، تبيّن لها من دون منازع أن العرب والأفارقة يأتون دائما في المركز الأول، في حين تحلّ الشعوب الصناعية في المركز الأخير من حيث نسبة الثرثرة والحديث عبر الهاتف.

عن هذه الظاهرة ودلالاتها الشخصية والاجتماعية، فمن المؤكد أن ضعف روح المبادرة وقلة الانجاز يُعوَّضان دائما بالكلام الفارغ والتباهي “باللا شيء”. أنظر حولك لن تجد أكثر ثرثرة من شباب عاطلين، أو رجال متقاعدين، أو عجائز خاملين. وعن هذا الواقع كتب أحدهم، ليس أكثر ثرثرة من الشخصية العربية التي اتخذت من الكلام حرفة، ومن الشعر صنعة، ومن المديح رزقاً، ومن الهجاء خصومة، وكنا بالفعل “ظاهرة صوتية”. لم نكن يوما أمة بناء وصناعةٍ وأبحاث جادة، فعوضنا ذلك بكم هائل من القصائد والدواوين والحكايات الخرافية، بل وصنعنا سوقا للشعر (نتعاكظ) فيه قديما وحديثا.

لم يتغير الواقع كثيرا هذه الأيام رغم تغير وسائل الثرثرة وتطورها عبر الواتساب وتويتر وفايسبوك وغيرها في حين تأتي الدول المنتجة في آخر لائحة “الثرثارين”. فيأتي اليابانيون (بنسبة 5%) ثم الألمان (9%) ثم الفرنسيون والبريطانيون (10%) ثم الأمريكيون (15%).

يأخذ العالم عنا ربما فكرة خاطئة بأننا شعب خجول ومتحفظ، ولكن الحقيقة هي أننا لسنا متحفظين حين يتعلق الأمر بالثرثرة وصنع الضجيج وإعادة تصدير الشائعات. فهل يكمن السبب في موروثنا العربي القديم، أم في فراغنا العملي الحديث؟

هل يكمن في امتلاكنا ثقافة كلام وأدب وتنظير، أم لأن من لا يراقب الناس في مجتمعنا ويعلق على تصرفاتهم ونواياهم يموت همّا؟!.

logo

All Rights Reserved 2022 Loubnaniyoun

 | 
 |