main-banner

زراعة الرحم… أملٌ ثوروي لنساء لبنان

توفُّرُ كلِّ الوسائل الحديثة لمعالجة مشكلة العقم أملٌ كبير لكثيرات يفتقدن شعورَ الأمومة. فبَعد عملية الـIVF (التلقيح الصناعي)، ظهر ابتكارٌ جديد فريد من نوعه سيغيّر حياةَ كثير من النساء غير القادرات على الإنجاب، وهو» عملية زرع الرحم».نجاحات عملية زراعة الرحم التي ضجّت العالم بأسره، باتت اليوم متوافرة في الشرق الأوسط وتحديداً في لبنان، وذلك بعدما تمّ توقيع اتفاقية بين مركز «BelleVue» الطبّي وجامعة «غوثنبرغ» في السويد.

وتشير الأرقام إلى أنّ عدد النساء المصابات بهذا النوع من العقم في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا وتركيا يصل إلى 100.000 حالة. من هنا، سيتمّ التعاون بين فريق طبّي لبناني من أفضل اختصاصيّي التوليد في المستشفى مع الفريق الطبّي السويدي، إضافةً إلى مجموعة من الأطبّاء المتعدّدي الاختصاصات في عمليات الزرع والإنجاب والتوليد وطبّ الأطفال والطب النفسي وعلم النفس.

وكانت الباحثة اللبنانية الدكتور رندا عاقوري قد منَحت الأمومة لامرأة سويدية بلا رحم، بالتعاون مع فريق كبير من الأطباء والباحثين في جامعة «غوثمنبرغ» السويدية، بعد نجاح عملية زرع الرحم التي أجريَت لها وكانت الأولى من نوعها في العالم عام 2014.

نجاح العملية الأولى

وقالت عاقوري خلال لقاء عقِد في المناسبة إنّها «فخورة بالإنجاز الذي أوصلَنا إلى الهدف الذي كان مستحيلاً، فبَعد 15 عاماً من الأبحاث المكثّفة، وصلنا إلى النهاية السعيدة، فأثبتَت الدراسات والأبحاث التي أجرَيناها على الفئران نجاحَها عام 2001، من خلال تأمين أوّل حالة ولادة لفأرة عبر عملية زرع للرحم، ما أحدثَ ضجّة كبيرة في العالم، وانتقلنا بعدها إلى إجراء تجارب أخرى على أنواع أخرى من الحيوانات كالقرود.

وفي عام 2012، حصَلنا على رخصة من قبَل السلطات السويدية لإجراء اختبارات على البشر، فقمنا بالعملية وبعد 9 أشهر أنجبَت أوّل امرأة طفلاً بصحّة جيّدة.

وفي حديث خاص لـ»الجمهورية»، أكّدت عاقوري أنّ «العملية الأولى في لبنان ستُجرى بعد أن ينال الاختبار موافقة وزارة الصحة»، مشيرةً إلى أنّه «يجب أن لا تعاني المريضة من مشكلة في البويضات، لذلك نلجأ إلى التلقيح الصناعي (IVF) قبل الزراعة، وعلى المتلقّية أن تكون بين عمر الـ 18 و الـ 38، ومن المفضّل أن تكون الواهبة قد وَلدت سابقاً طبيعياً وليس قيصرياً».

فكرة الزرع

يرافق رندا في رحلتها البروفيسور في جامعة «غوثنبرغ» ماتس برانستروم الذي أطلقَ عام 1999 مشروع بحثيّ يهدف إلى منح النساء فرصة إنجاب طفل بيولوجي بفضل رحم مزروع. وتمّ تحقيق الإنجاز الأوّل على هذا الصعيد في ولادة أولى في أيلول 2014، تلتها 4 ولادات تكلّلت كلّها بالنجاح.

ومن أصل 9 عمليات أُجريَت، ولِد 5 أطفال في السويد، ويروي البروفيسور برانستروم لـ»الجمهورية» أنّ «إلهامَه بدأ عام 1998، عندما التقى بفتاة مصابة بسرطان الرحم وقام باستئصاله، وأخبرَها بأنّها لن تتمكّن من الإنجاب، وطلبَت منه آنذاك أن يزرع لها رحماً، ومن هنا بدأ التفكير الجدّي في تنفيذ هذا المشروع، وبعدها التقى الدكتور بِـ رندا وبدأ العمل معها».

مضيفاً: «هذه العملية علاجٌ أساسي وأملٌ كبير لكثيرات، فأفضل شعور في العالم هو أن تعطيَ الحياةَ للآخرين، كما أنّنا نسعى لافتتاح المركز الأوّل لزرع الرحم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في بيروت، وهو الثاني في العالم بعد السويد».

المتلقّيات

وعُرضت تفاصيل هذه العملية خلال اللقاء، وشرَح الأطبّاء أنّه يتمّ اتّخاذ سلسلة من الإجراءات لتطبيق العملية، مثل التقييم الطبّي والنفسي للمريضة والواهبة للتأكّد من أنّهما تتمتّعان بصحّة جيّدة ومؤهّلتان لإجراء العملية. فيتمّ أخذ بويضات المرأة المتلقّية قبل العملية وتخصيبُها وتجميدُها في المختبر إلى ما بعد عام من إجراء العملية حتى تتمكّن المريضة من تناوُل الأدوية الكابتة للمناعة، ليتقبّل جسمُها الرحمَ المزروع ويتمّ التأكّد من عدمِ رفضِها له. بعدها، يتمّ زرع الأجنّة المجمّدة ليتمّ الحملُ بشكل طبيعي.

أمّا في حال زرع البويضات قبل هذه الفترة فيكون احتمال الإجهاض كبيراً. علماً أنّه لا يمكن أن ينجح الحملُ بشكل طبيعي، ومن الضروري اللجوء إلى تقنية IVF، كما أنّ المرأة التي تلجأ إلى الزرع تحتفظ به طوال الفترة اللازمة للإنجاب، بحيث يتمّ نزعُه بعدها لتجنبيها تناولَ الأدوية الكابتة للمناعة على المدى الطويل.

أمّا بالنسبة للمضاعفات، فيمكن أن تكون رفضَ الرحمِ المزروع كما في حال زرع أيّ عضو آخر، وحصول التهاب أو نزفٍ في مكان الزرع.

الواهبات

بالنسبة للواهبة، يجب أن لا يتجاوز سنُّها الـ 60 عاماً (وهي تكون عادةً في مرحلة انقطاع الطمث)، وأن تكون قادرة على التبرّع، ويفضَّل أن تكون قد وَلدت سابقاً للتأكّد من صحّة الرحم. وقد تكون الأخيرة من أفراد العائلة، أي الأم، العمّة أو حتى صديقة.

وبعد أن تتمكّن المتلقّية من الإنجاب (مرّة أو اثنتين) يتمّ إزالة الرحم، للحدّ من العوارض الجانبية للأدوية الكابتة للمناعة.

وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه العملية تُجرى حصراً في حالات العقمِ الناتج عن مشكلات في الرحم بحيث تعجز المرأة عن الحمل بجنين بسببها، إمّا لأنها وُلدت من دون رحم أو بسبب اختلال في وظيفته بعد الإصابة بالسرطان أو أيّ مرض آخر، أو بسبب حصول التصاقات في الرحم أو نزف أو غيرها من المشكلات.

أمّا المدير الطبّي في مركز البلفو الطبي الدكتور غسان معلوف فقال لـ«الجمهورية»: «كنّا نقول سابقاً مع بداية تطبيق الـ IVF إنّ الكلّ سيتمكّن من الحمل إلّا اللواتي ليس لديهنّ رحم، أمّا الآن فتغيّرَت المعادلة، ولكنّنا ننصح دائماً السيّدات أن لا يتأخّرن في الحمل، لأنّه مع التقدّم في العمر سوف يخفّ مخزون ونوعية البويضات عندهنّ».

المصدر: ليبانون فايلز

logo

All Rights Reserved 2022 Loubnaniyoun

 | 
 |