لهذا العالم اللبناني في وكالة الناسا أحد أهم الأدوار في كشف الكواكب السبعة التي تشبه الأرض
في الثاني والعشرين من شباط الجاري، أعلنت وكالة الفضاء الأميركية “ناسا” إنها تمكنت من اكتشاف 7 كواكب مشابهة لكوكب الأرض، ويمكن الحياة عليها. وقال علماء الوكالة الفضائية في بيان صحفي تاريخي إن النظام الشمسي المكتشَف حديثاً يبعد عن الأرض 40 سنة ضوئية ويحتوى على سبعة من الكواكب الصخرية، وتدور الكواكب التي تقارب حجم الأرض حول نجم صغير يدعى Trappist 1، ويعد هذا النظام الشمسي الجديد من أكبر الأنظمة المكتشفة خارج نظامنا ويعتبر اختراقاً كبيراً في مجال البحث المستمر عن حياة خارج كوكب الأرض، وقد يكون على سطح هذه الكواكب درجة حرارة قريبة من الموجودة على الأرض ومناسبة لمياة سائلة يُحتمل وجودها على سطحها.
هذا الاكتشاف العلمي المذهل لم يكن ممكناً من دون تلسكوب الفضاء المتطور Spitzer الذي يعمل بالأشعة ما دون الحمراء والذي يدير المركز المسؤول عنه البروفسور اللبناني – الأميركي جورج حلو.
نبذة
ولد العالم اللبناني جورج الحلو في جزين عام 1954، والده طانيوس الحلو ووالدته تدعى جورجيت عزيز.
تلقى علومه الابتدائية في مدرسة القلب الأقدس، وتخرّج من صفوفها عام 1972. وبعد حصوله (1975) على درجة بكالوريوس بامتياز في الفيزياء من الجامعة الأميركية في بيروت، التحق بجامعة «كورنيل» الأميركية، بحيث نال دكتوراه في علوم فيزياء الفلك والراديو Astrophysics and Radio Scienceعام 1980. بعدها عمل في جامعة «فلورانس» ومرصد الفضاء «آرسيتري» (Arcetri Observatory) في إيطاليا، ثم عاد إلى جامعة «كورنيل» ليعمل في «مرصد آرِسيبو» Observatory Arecibo لفيزياء الفلك. وسرعان ما التحق بـ«معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا» للعمل في مشروع لمسح السماء ورسم خريطة للكون بالأشعة ما دون الحمراء.
ظلّ تلسكوب “سبيتزر” الفضائي الذي يعمل بالأشعة ما دون الحمراء في طور التحضير لمدة عقدين على الأقل، لكن انضمام جورج الحلو إلى فريقه كنائب مدير (1996) جعله حقيقة واقعة، حيث ساعد في تصميم العمليات العلمية، وترجمة الأسئلة العلمية إلى نشاطات رصدية، وكيفية إبلاغ المراقبين ومساعدتهم لاستخدام سبيتزر بأفضل طريقة، إضافة إلى كيفية أخذ البيانات الأولية من المعدات وتحويلها إلى بيانات علمية، ذات معنى لعلماء الفلك، وتنظيم المركز العلمي وتفاعلاته مع الأجزاء الأخرى من مشروع سبيتزر ومع الباحثين حول العالم.
بعد ثلاثة أعوام أصبح الحلو المدير التنفيذي لمركز أيباك (IPAC-Infrared Processing and Analysis Center)، وهو المركز المسؤول عن تلسكوب سبيترز وعن ربط المراكز العلمية حول العالم بالبيانات التي يتم الحصول عليها من التلسكوب.
عام 1983 كان جورج الحلو ضمن فريق أعدّته «ناسا» لوضع تلسكوب يرسم خريطة النجوم بالأشعة ما دون الحمراء، في الفضاء الكوني. حمل التلسكوب اسم «إنفراريد أسترونوميكال تلسكوب» Infrared Astronomical Telescope Iras، الذي توصل إلى نتائج مثيرة علمياً، تتعلّق بطبيعة النيازك والشهب والكواكب والنظام الشمسي، وبدايات تكوّن النجوم وولادتها، والغبار الذي يحيط بها، وتحوّلها من غازات منتشرة إلى أجرام كثيفة ومضيئة، إضافة إلى ألوانها ومكوناتها وموقعها ومميزاتها وانفجاراتها، بفعل ضغط الغازات التي تتكثّف حولها وولادة سلالات جديدة منها.
ولقد استطاع «إيراس» اكتشاف قرابة 300 ألف مصدر كوني للأشعة ما دون الحمراء، ما رفع أعدادها المُصنّفة علميًا بنسبة 70 في المئة. واكتشف قرصًا ضخمًا من الغبار الكوني حول النجم «فيغا»، إضافة إلى 6 كواكب سيّارة وانبعاثات قوية من الأشعة ما دون الحمراء تتناثر في أرجاء الكون. سُميّت تلك الانبعاثات «سيرك الأشعة ما دون الحمراء» (Infra Red Circus). وتوصّل التلسكوب إلى رصد نقطة القلب في مجرة «درب التبّانة»، وذلك للمرة الأولى.
أبحاث الحلو الفلكية المتقدمة حظيت بتقدير علمي كبير، خصوصًا في الولايات المتحدة الأميركية، بحيث تشير وثائق «أرشيف الفلك العالمي» إلى أنه أول من قدّم وصفًا لألوان المجرّات بالاستناد إلى الأشعة ما دون الحمراء، وفسّر مغزاها بالنسبة الى عملية تكوّن النجوم. كما قدّم تفسيرات وافية عن علاقات فيزيائية بين الأشعة ما دون الحمراء وموجات الراديو، وكلاهما معتمد بصورة عامة في دراسة المجرّات، خصوصًا تلك الشديدة البُعد من نظامنا الشمسي.
وقد شغل الحلو مناصب رفيعة في عدد من المراصد العالمية. وهو يشغل حاليًا منصب المدير التنفيذي لـ«مركز المعالجة بالأشعة ما دون الحمراء وتحليل البيانات» في «معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا»، ويشرف على «أرشيف المجرّات»، إضافة إلى كونه مديراً لـ«مركز تلسكوب هرشل» في وكالة «ناسا»، ومديرًا تنفيذيًا لـ «مركز إيباك» (Infrared Processing and Analysis Center- IPAC). ويتولى حلو أيضًا مسؤولية الإشراف على تلسكوب «سبيترز» ومهمة ربطه بالمراصد العالمية وتزويدها البيانات والمعلومات، في موازاة عمله كباحث رئيس في عدد من المشاريع الأخرى المخصصة لدراسة المجرّات.
نحن والقمر جيران
جورج الحلو يفتخر «بأننا والقمر جيران» وقد قام مع زوجته بترجمة كلمات أغنية فيروز «نحنا والقمر جيران» إلى الإنكليزية وأرسلاها مع النسخة العربية إلى الكون عبر مرصد «سبيتزر»، وذلك تعبيرًا عن محبته وعشقه لهذا البلد الذي يجاور القمر بالفعل. وهو كان أكد في مقابلة سابقة قبل خمس سنوات مع مجلة الجيش اللبناني أنه “خلال فترة تراوح بين عشرة وأربعين سنة من اليوم، ستخرج علينا نشرات الأخبار معلنة اكتشاف كوكب شبيه بالأرض” ولكنه أضاف: ” أعتقد أن الموضوع الأكثر إثارة في المستقبل سيكون اكتشاف أمر لم نكن قادرين على توقّع وجوده”.
وفي مقابلة جديدة أجراها قبل ايام مع تلفزيون أم تي في اللبناني، قال: “لو سئلت قبل سنوات عن إمكان وجود كواكب تشبه الأرض، لقلت قد يكون هناك الملايين منها، أما بعد الاكتشاف الجديد اليوم، فأقول قد يكون هناك مليارات الكواكب التي تشبه الأرض”.
في العام 2012 زار البروفسور حلو لبنان حيث ألقى محاضرة بدعوة من «ديوان أهل القلم»، وقد كرّمه رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في قصر بعبدا، وكذلك الجيش اللبناني في المدرسة الحربية.
جوائز وأوسمة
نال العالم البروفسور جورج الحلو العديد من الجوائز والأوسمة تقديرًا لإنجازاته العلمية ومنها: – جائزة فيليب حتّي للتفوّق الأكاديمي (1975). – زمالة أرسيتري الدولية (1980). – جائزة «ديوداي»DUDIEY (1982). – وسام «ناسا» NASA للخدمات الاستثنائية (1992و2001). – وسام «ناسا» NASA للخدمات العامة (2004). – درع رئاسة الجمهورية اللبنانية (2011). – درع الكلية الحربية في لبنان (2011).
دراسات وأبحاث
نشر البروفسور جورج الحلو ما يزيد على 200 مقال وبحث في مجلات علمية متخصصة. وشارك في أكثر من 40 مؤتمرًا دوليًا في أميركا وأوروبا واليابان، في مهمات تضمنت إلقاء كلمات ومحاضرات. وهو عضو في عدد من اللجان العلمية في الفلك، مثل «الجمعية الفلكية الأميركية» (AMERICAN ASTRONOMICAL SOCIETY) و«اتحاد الفلك الدولي» (INTERNATIONAL ASTRONOMICAL UNION).