“المتضـرر من التدابير التشريعية الاخيرة كل القضاة الاوادم لا المشـكوك فيهـم”
المركزية- في ظل استمرار اعتكاف القضاة، وفي ظل ما يتعرض له الجسم القضائي تشريعيا من “انتقاص للحقوق”، وفق ما يقول أعضاؤه، كان لـ”المركزية” حديث مع وزير الداخلية الأسبق زياد بارود.
بدايةً، ذكّر بارود بأن القضاء هو في الدستور سلطة مستقلة، أو هكذا يجب أن يكون، لكنّ السلطة السياسية لا ترغب إجمالا في منح القضاء هذه الاستقلالية حتى تتمكن من الاستمرار في فرض تدخلها هنا وهناك. ولذلك نرى اقتراح قانون السلطة القضائية المستقلة في الأدراج ولذلك نرى إصرارا على الإبقاء على مجلس القضاء الأعلى من دون الصلاحيات الكاملة. وأضاف: إن استقلالية القضاء ليست مجرّد مسألة مبدئية ودستورية وحسب، بل إنها حاجة لانتظام الأمور بين الناس، وإن حماية القضاء بأهمية حماية الجيش والوقوف بجانب كل منهما لأنهما يشكلان ضمانة. والقضاء مساهم أساسي في الأمن ومكافحة الجريمة والفساد وفي الاقتصاد والاجتماع وحسن سير أمور الناس، كل الناس.
وعمّا يحكى عن تقصير عند بعض القضاء، رأى بارود أن في لبنان أكثر من 600 قاضٍ يعملون بأكثريتهم الساحقة بصمت من أجل إعطاء الناس حقوقهم ولا يجوز التعميم، بل يجب إنصاف هؤلاء وتحصينهم وحمايتهم. لا تتم الإضاءة إلا على السلبيات ونادرا جدا ما يُسلط الضوء على موقف قضائي مشرّف. وأضاف “المتضرر من التدابير التشريعية الأخيرة بحق الجسم القضائي ليس القاضي المشكوك بنزاهته بل مجموع القضاة الأوادم الذين ينتظرون رواتبهم وتقديمات صندوق التعاضد حتى يستمروا. ولذلك فإن حماية هؤلاء وإنصافهم يقتضيان أن تُحفظ كراماتهم عبر عدم المساس بالتقديمات الحالية وإنما تعزيزها، علما أنها اليوم دون ما تنفقه سنويا وزارة واحدة على التشريفات! ومع أن المسألة ليست فقط مادية، إلا أن المطلوب يبقى صفاء ذهن القاضي ليتمكن من أداء واجبه، وعمله لا يقتصر على الجلسات، بل يشمل إعداد الملفات وربما التفكير في النقاط القانونية المثارة 24 ساعة على 24”.
وختم بارود: يجب التعويل على خيرة قضاتنا، لا إحباطهم. هم يعملون في ظروف شديدة الصعوبة: في مكاتبهم وقاعات المحاكمة غير اللائقة وغير المجهّزة، في تدخلات مزعجة حتى ولو لم ينصاعوا لها، وفي إمساك السلطة السياسية بالمناقلات. تريدون قضاءً قادرا؟ إرفعوا أيديكم عنه، في السياسة وإنما أيضا في التشريع. القوانين المجحفة أكثر ظلما من تصرفات عابرة لسلطة سياسية”.