في كلّ مرّة أحاول فيها التهليل لإنجاز ما أو تصريح يتعلّق بملف محاربة الفساد الغذائي وغير الغذائي في لبنان أشعر أن شيئا ما بداخلي يلجمني عن التعبير عن الفرحة ويفرمل اندفاعتي الى التهليل.
لم أكن أعرف لماذا وما هو السّبب وراء تلك “النقزة” التي تصيبني في كلّ مرة.
ولكن مرّة بعد مرّة راحت تنجلي الأسباب، ربما عندما بدأتُ أستوعب هويّات أولئك الذين يحملون اليوم لواء محاربة الفساد.
فهؤلاء هم ذاتهم الأحزاب والتيارات السياسية التي طالما كانت وما زالت تشكل في ذاكرتنا عنواناً للتركيبة “العوجاء”. هم ذاتهم القابضون على ثروات الشعب وحقوقه منذ زمن. هم ذاتهم مفسدو الإدارات والمؤسسات العامة وناهبوها. هم ذاتهم واضعو اليد على مقدرات البلاد بالسياسة والأمن والاقتصاد منذ عشرات السنين.
فجأة دبّت فيهم الغيرة على الشعب ومصالحه وسلامة غذائه وصحته وماله واقتصاده، فكادوا اليوم يتقاتلون على محبتنا وصحّتنا وسلامتنا وحفظ حقوقنا.
كيف نصدّق؟
ولو صدّقنا لبعض الوقت، تأتينا حملات الاستغلال السياسي ومهازل المؤتمرات الصحافية وحملات التراشق بين الوزراء لتعيدنا الى الواقع ولتذكّرنا بالذي نحن فيه.
أنا المواطن الذي يعرفكم جيداً، محاربة الفساد “مبهبطة عليكن”…
