main-banner

أبعد من عين العرب

ليس ثمة خلاف على إدانة تصرفات “داعش”، في “عين العرب”، وفي مجمل الساحتين السورية والعراقية. ولكن هذا الصعود الهائل لداعش لم يأت من فراغ. هو خرج من رحم تداعيات الظّلم في سوريا، ومن سنوات القمع التي مارستها الحكومة العراقية السابقة برئاسة نوري المالكي، خرجت داعش من صمت العالم على المجازر الوحشية التي ارتكبها نظام الأسد، ولولا كل هذه الظروف لما كان لداعش ان تحقق كل ما حققته.

والعالم اليوم يراكم الأخطاء باختصاره الأزمة السورية بما يجري في عين العرب فيما تجاهل مئات الآلاف من الضحايا السوريين والملايين من اللاجئين.

ما يجري اليوم في عي العرب أزمة سورية ولا يجوز تحويلها الى أزمة كردية، وينبغي أن تعالج ككل، لا اختزالها، لسبب أو لآخر، في مدينة حدودية. فلماذا يفترض بالحكومة التركية الاستجابة لمطالب التحالف الغربي ضد “داعش”، بينما يجري تجاهل المطالب التركية بحماية كل السوريين وبإقامة منطقة عازلة على حدودها؟

فخلف كل هذا الضجيج حول عين العرب، ثمة مشكلة أكبر بكثير مشكلة الاستراتيجية المعتمدة لمواجهة داعش. فلا يقول الغرب شيئا عن مستقبل سورية، ولا يمتلك تصوراً للمساعدة على إصلاح بنية الدولة العراقية، ولا يكترث بالتداخل المتسع بين طموحات إيران وأوضاع سوريا والعراق، ويتجاهل كليا مطالب تركيا في إنشاء منطقة آمنة في الشريط السوري الشمالي. تدرك إدارة أوباما، وكل أطراف التحالف، الذي تشكل على عجل لمكافحة داعش، أن تركيا هي الدولة الأهم في أي جهد للتعامل مع أوضاع العراق وسوريا المتدهورة. وجاءت كل تطورات الأسابيع الماضية لتؤكّد الحاجة الى دور تركي لإنقاذ التحالف الدولي والتماس أوّل النفق للخروج  من المأزق الذي يحاصر المنطقة.

فمتى يخرج العالم من سياسة الاجتزاء وينظر بعينين مفتوحتين الى لبّ المشكلة المتمثّل بشعوب أبعد من عين العرب أشبعت ظلماً واستفزازاً.

logo

All Rights Reserved 2022 Loubnaniyoun

 | 
 |