تخرج أحيانا تصريحات في لبنان تفوق قدرة الإنسان العاقل على فهمها، من قبيل الحملات الكبيرة التي تطلق من قبل بعض المجموعات في المجتمع المدني لحماية العمال والعاملات الأجانب في لبنان، وسن القوانين لحمايتهم، وإنشاء النقابات لهم، في حين أن هؤلاء لا يعيرون أي اهتمام لما يعانيه اللبناني في الخارج.
لسنا طبعا ضد الحملات التي تهدف إلى منع كل أنواع الإساءة للعمال الأجانب في لبنان من منطلق عنصري وغير إنساني، والمطلوب هو أن تكون الإجراءات صارمة في هذا المجال، في وجه ما نراه من عنف ضد المستخدمات، ومن حالات انتحار أحيانا عندما تصبح هذه الخادمة أو هذا العامل غير قادرين على تحمل المزيد من الاستعباد والعنف.
لكن في المقابل، المطلوب أيضا من هذه الجمعيات الإضاءة على أوضاع
اللبنانيين في الخارج، وخصوصا في الدول التي يصعب العيش فيها، والتي فرضت الظروف الاقتصادية الصعبة اللبنانيين على اللجوء إليها للعمل. هل فكرت هذه الجمعيات بالالتفات إلى واقع اللبنانيين في هذه الدول؟ وهل فكرت بالتحرك مع وزارة الخارجية لإقامة حملات لحماية اللبنانيين من الظلم والتعب والظروف القاسية التي يضطرون للعمل فيها من أجل الحصول على راتب زهيد في نهاية الشهر؟ بعض اللبنانيين لا يستطيع التواصل مع سفارته حيث هو، وبات هؤلاء يعيشون في الخارج وكأنهم ممنوعون من العودة إلى لبنان، فهل المطلوب هو نسيانهم؟
