نحو السيناريو الإيطالي درّ! درهم وقاية خير من قنطار علاج…
“في غرفة طوارئ الليلة، السيناريو إيطالي”، صرخة مرعبة أطلقها الطبيب في مستشفى الجامعة الأميركية AUBMC، د. بسّام عثمان منذ يومين عبر موقع تويتر. كما غرّد الطبيب العامل في مستشفى أوتيل د. إيهاب إبراهيم، على تويتر: “هذا الصباح بلغنا طاقتنا الاستيعابية القصوى لأسرّة كوفيد، وذلك حتى بعد انتقالنا للمرحلة الثالثة من توسيع الوحدة وزيادة عدد الأسرّة. بدأنا بمضاعفة عدد طاقم المناوبين من الأطباء. أي استهتار بإجراءات الوقاية هو مشاركة بعملية قتل. رجاءً احموا أنفسكم وكباركم”.
تكثر التحذيرات والمناشدات، في الآونة الأخيرة، من قبل الأطباء وأصحاب الاختصاص، إلى أن لبنان متجه إلى تكرار السيناريو الإيطالي إذا ما استمر الوضع على حاله. من منّا لا يذكر السيناريو الإيطالي؟ في آذار الماضي، كانت إيطاليا البلد الثاني الأكثر تضرّرًا جرّاء فيروس كورونا المستجد، بعد الصين، والبلد الأول في أوروبا. أبكت إيطاليا العالم، وتحوّلت إلى نقطة سوداء في خارطة انتشار الفيروس عالميًا، سواء من حيث حدّة الانتشار أو المعدل المرتفع للوفيات.
يسلك لبنان اليوم طريق النموذج الإيطالي، لا بل قد يتخطاه خطورةً، حيث تم تسجيل رقم قياسي آخر البارحة في عدد المصابين بفيروس كورونا على الأراضي اللّبنانية. 1459 إصابة جديدة و9 وفيات خلال ال 24 ساعة الماضية. أرقام صادمة فعلًا، تستدعي التحرك سريعًا. نحن أمام انفجار وبائي خطير، وعدم معالجة هذه المسألة أو التخاذل في معالجتها سوف يأخذ بنا حتمًا نحو المجهول.
وكان وزير الداخلية والبلديات، محمد فهمي، قد أصدر قراراً يقضي بإقفال 111 قرية وبلدة في محاولة لمكافحة انتشار الفيروس. مع بدأ تنفيذ هذا القرار، دخل اللبنانيون، مرحلة جديدة من الإغلاق العام. فيما تستمر الفاتورة الاجتماعية والاقتصادية للوباء في الارتفاع مهدّدةً الشعب اللبناني بالفقر المدقع. أهم الدول بدأت تتهاوى واحدةً تلوى الأخرى جرّاء انتشار الفيروس وضربه لصميم وجذور الاقتصاد العالمي، تقبع ألمانيا في عجز كبير، أمّا بريطانيا فهي تعاني من ارتفاع الدين العام إلى مستوى غير مسبوق منذ 1961. فكيف بالحري بدولة عاجزة كالدولة اللبنانية؟
تبلغ اليوم المستشفيات اللّبنانية (التي أرهقها الانفجار الهائل في 4 أغسطس/ آب في مرفأ بيروت) الطاقة الاستيعابية الكاملة، في مواجهة أعداد قياسية من الإصابات. ويقوم الأطباء بقرع ناقوس الخطر، لعلّ أبرزهم، مدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي، د. فراس أبيض الذي حثّ الجميع على الالتزام بالإجراءات الوقائية.
يتطلب فيروس كورونا من كل شخص سلوكًا واعيًا ومسؤولًا. باستطاعة الجميع (مواطنين وشركات ومنظمات…) اتخاذ تدابير وقائية. نذكّر ببعض الإجراءات الوقائية التي قد تردع وصولنا إلى نقطة اللّاعودة التي لن تتوافر فيها الموارد الطبية للجميع، ينبغي أوّلًا ارتداء الكمامة، والحفاظ على مسافة من الأشخاص المصابين وتنظيف اليدين بانتظام وتفادي المصافحة باليد والعناق.
طالما أن الشعب اللّبناني لا يأخذ المبادرة ويقوم بتحمل المسؤولية الكاملة من خلال اتباع القواعد الاساسية، وأبسطها ارتداء القناع، سوف نستمر في الغرق. ها هو سيناريو كورونا الإيطالي يطرق بابنا، فإما أن نفتح له الباب على مصراعيه ونحكم على أنفسنا من خلال قلة الوعي، أو أن نطرده ونحمي أنفسنا وأحبائنا من خلال الالتزام الكاملة بالإجراءات كافة.