main-banner

!مُسلسلُ حوادث السير في لبنان لا ينتهي

مُسلسلُ حوادث السير في لبنان لا ينتهي, حلقاته متشابهة, من حيث السّوداوية والنهايات المأساوية. أمّا أبطاله فيتغيّرون تباعا و كأنه قُدّر على شعبنا المسكين الموت مجانا على طرقاتنا التي أصبحت بدورها مصيدة لأرواح الشباب من كل الأعمار.
شبابٌ من عمر الورد, يُصبحون الحدث و تنتقل صورهم المفعمة بالحياة عبر وسائل التواصل الاجتماعي. تنطفئ شعلتهم ليتحولوا الى ذكرة جميلة, تُشعل جمرة الأشواق والأحزان في قلوب ذويهم و أحبابهم….

قُصة ربيكا شبيهة بقصص كُثر, ودّعوا ذويهم في صباح يوم ورحلوا… خرجوا من منازلهم على امل العودة ولكنهم لم يعودوا أبدا… ربيكا كانت حاملا بشهرها التاسع, وكانت تنتظر ولادة ابنتها بفارغ الصبر. لكن القدر كان أسرع, خطف الأم وأخذ الابنة معها من دون ان تُبصر النور… رحلت ربيكا و تركت وراءها زوجا مفجوعا وعائلة محطٌمة.
عرفتُ زوجها منذ أن كنت على مقاعد الدراسة, شاءت الظروف أن يعلمني الموسيقى خلال خمس سنوات. كان رجلا قويا, معطاء الى اقصى حدود, و لعل ما بقي في ذاكرتي منذ ذلك الوقت ضحكته التي لم تكن تفارق وجهه يوما بالرغم من ساعات العمل الطويلة و التعب الجسدي و النفسي.
بعدها سافرت و بدأت أتتبّع أخبار الأصدقاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي, لأتفاجأ مؤخرا بخبر وفاة امرأة تُدعى ربيكا بحادث سير, ولم اتأخر لأعلم أن زوجها هو أستاذي, أستاذ الموسيقى… هول الفاجعة اكبر من أن يتحمله عقل بشري, عادت ربيكا الى خالقها ملاك يحرس الأهل ويدعم الزوج الذي بدأ يناجيها عبر صفحته على فيسبوك, يكلمها كل يوم و يسرد لها تفاصيل أيامه و كيف تمضي الأوقات ثقيلة من دونها… تعرفنا من خلال كتاباته اليومية على شخصية ربيكا الحنونة, المعطاءة و البشوشة. و تعرفتُ أكثر على شخصيته, على ذلك الرجل المؤمن الذي يتحدّى ألم الفراق والعذاب بالإيمان والصلاة…

قاسية هي الحياة عندما تفرض علينا شروطها التعسّفية, وتتركنا لنلملم اشلاءنا المبعثرة في فضاء الحزن وحيدين… يرحل الأحباب في لحظة نكون فيها نياما, لنصحو على عالم نجهله, فيبدأ صراعنا مع الماضي لعلنا نهزمه ونستطيع بناء المستقبل من جديد…
هو يوم, ليس كغيره من الأيام العابرة… يوم يُحفظ في ذاكرتنا, لتعود احداثه وتفاصيله من جديد في كل لحظة و كل مناسبة….

logo

All Rights Reserved 2022 Loubnaniyoun

 | 
 |