main-banner

… ثقافة لَوم الضحية

إن أسوأ ما تشهده مجتمعاتنا وتلك المحيطة بنا، هي تلك الرّواسب التي خلّفتها فينا الحروب وما نبَتَ حولها من أحقاد وكراهية.  

فهذا الواقع جعلنا في الكثير من المواقف الانسانية نقوم بردّات فعل أقلّ ما يقال فيها إنها “عوجاء”. فكم من مرّة سمع أحدنا الآخر وهو يلوم القتيل بدل القاتل والمهجَّر بدل المهجِّر والثائرَ على الظّلم بدل الظّالم؟ وكلّ هذا سببه في أن الغرائز هي التي تتحكّم بأفعالنا وتجّرنا بعيدا عن الضمير والأخلاق والإنسانية. حتى أن عقولنا وعاطفتنا جرى تطبيعها كي تقبل الشواذ.

ثقافة لوم الضحية، هي نقيض العدالة والإنصاف، هي ثقافة خطرة لأنها تُستخدم  لتبرير أبشع أشكال العنصرية والمظالم التي تقع على نوع معيَّن من الناس غالباُ ما يكونوا ضعفاء. إذ يمكن أن يبرر البعض لأنفسهم التعامل مع آخرين بصورة سيئة، معتبراً أن السبب في ذلك لا يعود إليه، وإنما يعود إلى طبيعة الطرف الآخر، الذي جلب على نفسه الأذى، وهو يستحق ما يُفعل به، وأنه يسبب البلاء لنفسه بنفسه.

هذه الثقافة تتضمن أيضاً أن ينظر شخص ما إلى آخر بصورة تُقلل من إنسانية ذلك الآخر… بمعنى إفراغ الضحية من محتواها الإنساني، من خلال ترديد صور نمطية وتكرار مغالطات تهدف إلى تبرير القيام بأعمال غير إنسانية ضد الآخر. إن إفساح المجال لإلقاء اللوم على الضحية تنتج عنه مآسٍ كثيرة من شأنها أن تقود أيضاً إلى ضياع البوصلة الأخلاقية ومن ثم تبرير كل أنواع الأعمال الوحشية والعنصرية تجاه الآخر.

logo

All Rights Reserved 2022 Loubnaniyoun

 | 
 |