main-banner

ينتهي الفساد حين نتغيّر أنا وأنت

تسمع أحدهم أو تقرأ له كتابات عن معاناته في دولة فساد، لتجد نفسك في صلبها ولتكتشف أن المفسدين يتشابهون وإن تباعدوا جغرافياً.

بعيداً عن لبنان لخّص أحدهم المشهد في وطنه بما يلي:

توقظك زوجتك منتصف الليل لأن ابنك يشكو من ضيق التنفس فتهرول ببيجاما نصف بالية الى السيارة، وتُفضّل أن تقصد مستشفى تعرف فيها أحدا ولو كانت أبعد لأن وجود الواسطة يمنح ابنك فرصة ممكنة لتجاوز بيروقراطية الدخول والحصول على علاج مناسب.

يتكرر المشهد وتختلف التفاصيل في حال حصل معك حادث سير، فتراك قبل الاتصال بشركة التأمين تتصل بابن عمّتك الذي يعمل مرافقاً للمسؤول الفلاني علّه يجعل الحق معك وإن كان عليك.

أو يكون لديك امتحان للتقدم الى وظيفة رسمية وبدل الاستعداد لها بالدراسة ومراجعة المواد اللازمة للامتحان، ستمضي الوقت بإجراء اتصالات بفلان أو فلان.

في بلاد “الواسطة” تتلاشى أبجديات الجدارة والكفاءة، ويصير الحق منّة، ويصبح التوظيف والترشيح للمناصب لعبة عبثية تنتهي بتعيين كثير ممّن لا ترتقي مؤهلاتهم إلى الكراسي التي يلتصقون بها، وينتج عن ذلك منظومة تعليمية ضعيفة وإدارة هشّة، ويتشكل لديك مجتمع طبقيّ معياره “من تعرف”، فيرتفع سؤال الطبقة المطحونة “ما فائدة الاجتهاد والإخلاص؟”، ويغيب الولاء للفكرة أو المؤسسة أو البلد، وتراود الشباب فكرة الهجرة إلى بلاد القانون.
الباحثون في هذا المجال وجدوا أن معدّلات الفقر ترتبط بهذا الفساد الخفيّ، وكذلك مشكلات البطالة، ونقص الأسرّة في المستشفيات وارتفاع نسبة حوادث السّير و…

الواسطة تجعل الفرد عبداً للآخر وهذا ما يريده المسؤول الذي يرى في ذلك استثمارا ناجحا.

لا تنتهي معضلة الفساد بالتذمّر أو بإجراءاتٍ أو معالجات سطحية.

ينتهي الفساد حين نتغيّر أنا وأنت.

logo

All Rights Reserved 2022 Loubnaniyoun

 | 
 |