الاقتراح الذي تقدم به النائب إيلي كيروز من أجل إلغاء المحاكمات العسكرية يأتي في توقيت ملائم، بما أن التشريع متوقف منذ سنوات طويلة في مجلس النواب، ومن المفترض إعادة تفعيل دوره التشريعي وفي الوقت نفسه، إطلاق عجلة المحاكمات في لبنان، مع اكتظاظ السجون وعدم القدرة على احتمال مزيد من السجناء من دون محاكمة.
هذا الأمر أثار الكثير من التساؤلات لأننا شهدنا في الفترة الأخيرة أن كل من يريد تحويل قضية معينة إلى قضية سياسية يطالب بمحاكمة عسكرية لأفرادها، وهي محاكمة لا يجوز فيها الطعن أو الاستئناف، وهي محاكمة تجعل القيود على الأحكام أقوى من هدف المحاكم الذي هو الدفاع عن النفس تحت مظلة العدالة.
إضافة إلى ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن المحاكم العسكرية تسعى في مكان ما إلى الإطاحة بكل القوانين المدنية، وهي تستخدم عادة في البلدان التي تعيش حكما عسكريا، وبالتالي، من المفترض عدم اتباع هذا النمط من المحاكمات إن كنا نريد أن نمتثل لقوانين ترعى حقوق الإنسان، بل تحويل القضايا إلى محاكم عادية تشدد إجراءاتها وتسرع قراراتها في الوقت نفسه.
إن ميزة لبنان هو في أنه بعيد من العسكرة ويعتبر نفسه بلدا قادرا على العيش وفق الأصول الدولية لحقوق الإنسان، فهل من الجائز أن يكون لدينا محاكمات عسكرية في وقت نسعى فيه رغم كل مآسينا إلى الارتقاء إلى مصاف الدولة المدنية الكاملة؟
