لم يكن ينقصنا المزيد من القرارات الأحادية الجانب التي تزيد من حدة التطرف في لبنان، والتي تدخل مفاهيم غريبة عن البيئة اللبنانية المعتدلة إلى هذا البلد.
وإن كان اللبنانيون رفضوا في شهر رمضان المبارك المناشير التي حرّمت الطعام والشراب في الأماكن العامة في بعض المناطق، فهل كان المعنيون بأزمة الكحول في طرابلس ليتوقعوا أن الناس ستسكت عن قرار رئيس البلدية بمنع الكحول في المدينة؟
هذا الانتهاك الصارخ للحرية الفردية وللتنوع اللبناني الذي يضمنه الدستور والقانون، جاء ليكلل المساعي في تحويل لبنان جزرا متنازعة لكل منها معتقداتها التي لا تبني وطنا ما دامت كل واحدة منها منفصلة.
لم تكن طرابلس يوما في مصاف المدن المنغلقة التي تمنع الإنسان من القيام بما يريد بحرية، وخصوصا إن لم يؤثر على الآخرين، ولم يرتكب ما يهددهم في أمنهم وتاريخهم وطريقة عيشهم، لأن طرابلس لطالما عُرفت بمدينة الاعتدال، وما يقوم بها المسؤولون عنها اليوم لا يمت إلى صورتها بصلة.
قرار منع المحول في طرابلس مرفوض بكل المعايير، لأن هكذا خطوة من شأنها أن تبني مستقبلا غير منفتح لدى كثيرين، كما أنه يدخلنا مرحلة خطرة من فرض العقيدة على الشعب، وظلم الناس من خلال التفرقة بينهم.