main-banner

موسم الزعتر تحت وطأة القصف

ها هو موسم قطاف الزعتر يطلّ علينا ككل سنة، لكن هذه المرة مرّة. رائحة الزعتر في الجنوب تبدلت برائحة القصف، الأراضي التي كانت تبتهج بصوت ضحك المزارعين أصبحت أرضَ بورٍ، لم تخلو فقط من الحَب بل أيضًا من الحُبّ. كل ذلك بسبب العدوان القائم على الجنوب اذ تم وضع اللبنانيين أمام خيارين، إما المجازفة بحياتهم لزراعة أراضيهم وإما المثول للواقع وحرمانهم من المصدر الأساسي لتأمين قوت عيشهم. 
وهكذا دخل القطاع الزراعي بمشكلة جديدة ألا وهي ارتفاع نسبة الاستيراد من الخارج اذ أن الزعتر السوري غزا أسواقنا، بالتالي ارتفعت أسعار الزعتر اللبناني. فبحسب الوكالة الوطنية للإعلام أصبح كيلو الصعتر والذي يعتبر نوع من الزعتر يباع بـ 30 دولار أما الزعتر العادي فيٌباع الكيلو بـ 15 دولار. ومن كان يُفضل أن يقطف الزعتر بنفسه، ها هو الآن مكبل اليدين أمام حقيقة شرائه من الأسواق بسعر أغلى. 
ليت الأمر اقتصر فقط على عطر الأرض اللبناني الأخضر، لم يكن الزعتر وحده ضحية مشاتل الجنوب فحتى المزروعات الأخرى كالخيار والبندورة توقفت بسبب العدوان بالإضافة الى الزيتون الذي حصدناه محترقًا، مختلطًا برماد القصف واليوم أمست أرضه غير قابلةً للازدهار بسبب الفوسفور الأبيض وتوابع الاعتداءات. 
وكما نقول على الطريقة اللبنانية "بكفينا يلي فينا"، فلبنان يعيش داخل دوامة تراكم أزمات سواء سياسية، أمنية واقتصادية. لقد فاض الكأس منذ زمن وها نحن الآن نخوض فيضانات الأزمات التي لم تُعالج حينما وجب معالجتها. 
سيكون من الغريب أن نحدّ عقلنا بفكرة " الخسائر في الجنوب لن تؤثر علينا"، يومًا بعد يوم نكتشف أننا نخسر أكثر من مجرد حجارة وعمار، نفقدُ أرواحًا، أطفالاً وشبابًا، نفقدُ جنوبنا وشيئًا فشيئًا قد يضيع منا لبنان. 
بدل أن نقطف الزعتر
نحن نقطفُ الجثث . .

logo

All Rights Reserved 2022 Loubnaniyoun

 | 
 |