كنتُ أطلّع على صحيفة اخبارية كعادتي كل صباح وعادة كلّ لبنانيّ اعتاد بدء يومه بفوضى العناوين الإخباريّة. لربما نحن من البلدان القلة التي تجد فيها صباحًا ممتلئًا بالأحداث، ممتلئًا بالسّياسة وكلام الخشب الصادر عن السّياسيين. لكن اليوم تحديدًا كنت أتمنى قراءة هذا النوع من الاخبار بدل عناوين الاعتداءات القائمة على الجنوب.
من المؤسف أن تشغل الحرب أخبارنا اليوميّة وتصبح مقدماتها تحمل رائحة القصف منذ اللحظة التي أمست أيامنا ضبابيّة، نخوضها ولا نعلم إن كنا سنخوض غيرها. عمَ السكون على جنوبنا، ليتهجر اللبنانيون داخل وطنهم وتصبح بيوتهم أهدافًا خاوية للعدو. كل ما نعرفه أنّ سلسلة " إطلاقٍ ورد" قد وجدت لنفسها بقعةً على أراضينا فاحترق المرج والجبلُ وشجر الزّيتون.
أليس من الغريب أن نتساءل عن الحربِ وهي أمامنا تخطفُ منّا أطفالاً، صحافيين وأهلاً؟ إن لم تكن الاعتداءات على لبنان حربًا فما هو معنى الحرب؟ أليس من الغريب ألا نسميها حربًا وقافلة الجرائم تسير في الجنوب؟ تسرقُ روحًا كلما سنّت لها الفرصة. أليس من الغريب ألا نطلق عليها اسمَ حربٍ ونحن نقرأ كل يوم عناوين كـ " قصف على الأطراف" " اعتداءات على الجنوب" " غارات على الجنوب" ؟
لرّبما بالنسبة للبعض وإلى هذه اللحظة لايزالون في انتظار الحرب وداخلهم الهلع يدعو ألا يكون مصير لبنان كغزة. لكنهم تناسوا قطعة لبنانيّة، جغرافيًا وقانونيًا ودوليًا هي تنتمي للبنان وكما يقال إن مسّتها شوكة فهي مسّت جميع المناطق اللبنانية، فلم يقترف الجنوب ذنبًا سوا أنه يملك حدودًا مع "العدو". للأسف أنه في حالتنا هاته، لم تكن مجرد شوكة، كانت طلقة نار، قذيفة، صاروخًا وفي الكثير من الأحيان فوسفور أبيض.
لم يكن شيء مما حصل غريبًا عليهم..
كُنا نحن الغرباء.