” على طريق المطار "، جملةٌ تكرّرت على مسامع أغلبنا في الآونة الأخيرة. تتصدّر عناوينَ نقاشات المواطنين قبل تصدّرها الأخبار. هذا الطريق الذي يحمل دموعَ فرحٍ تارةً وحزنًا تارةً أخرى، نَزّف اليه أحبابنا ونستقبل منه مهاجرينا، أصبح اليوم محطّة عصابات تسلب أغراض المواطنين ولا نعلم متى الروح تُسلب.
ما يثير السخرية والاستغراب في الوقت عينه، هو أن العمليّات التي يتم تنفيذها من قبل العصابات لا تقتصر على الليل، لم يعد الليل غطاءً لها من التجمّعات بل شاركه النهار في المهمة. وهذا ما حدث قبل عدة أيام، عندما حاول شابان مسلّحان يركبان دراجة، مطاردة شاب آخر يقود دراجته النارية بهدف سلبه أغراضه وسرقته الا أنّه تمكّن من الهرب.
الجدير بالذّكر أن مكتب مكافحة الإرهاب والجرائم في بيروت استطاع القبض على أحد المسلّحين بعدما وجده مصابًا في أحد المستشفيات نتيجة تعرّضه لحادث سير أثناء عودته من العملية أعلاه. لكنّه فاسدٌ واحد بين عشرات العصابات التي اختارت طريق المطار موطنًا لها كي تبثّ الرعب في قلوب المواطنين.
وهكذا بات طريق المطار شبه سالكٍ للمكائد، قد تُلقى عليك حجارة وقد تنصب لك فخاخ، قد يُسرق مالك ولربّما ممتلكاتك . عليك أن تكون على أهبة الاستعداد أثناء مرورك على هذا الطريق وتحضر نفسك لكل ما هو أسوأ. فان لم يهتم هؤلاء بالتستر على أفعالهم الاجرامية واختاروا السرقة في النهار أمام مرأى الجميع لن يهتموا ان ألقي القبض على واحد منهم.
لم نعد نتحدّث هنا عن قضيّة واحدة، بل اثنتان! انتشار العصابات وتفلت السلاح. ليس بشيء جديد في لبنان لكن المشكلة هي رؤية هذه القضايا من منظور الاعتياديّة. كأن نعتاد على عدم الاستقرار، نعتاد على التهديد ونعتاد على أن يُسلب حقنا في الأمان. أجل نحن نعيش في لبنان بلد الأزمات، لدينا أزمة سياسيّة، اقتصاديّة وأمنيّة. معتادون على الخوف لكن شعورنا بأن كلّ ما نمر به أصبح من الروتين ولا حاجة لنا لتغييره هو " أزمة " بحد ذاتها.
"على طريق المطار"، جملةٌ اعتياديّةٌ في وضع غير عادي.
