
Education
بعد أشهر من الانتظار، تم تحويل قانونَي تمويل صندوق تعويضات المعلمين في المدارس الخاصة وسلفة الـ٦٥٠ مليار ليرة إلى صندوق التقاعد، تمهيدًا لنشرهما في الجريدة الرسمية.
خطوة اعتبرها المعلمون انتصارًا طال انتظاره، لكن في المقابل، بدأ أهالي الطلاب في المدارس الخاصة يشعرون بالقلق من تداعيات هذا القرار على قدرتهم على تحمّل المزيد من الأعباء المالية، خصوصًا في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعيشها اللبنانيون.
حق المعلمين في الإنصاف لا يعني تحميل الأهل الفاتورة
لا شك في أن المعلمين يستحقون تعويضاتهم كاملة، بعد سنوات من التضحيات في ظل انهيار قيمة الرواتب وغياب أي رؤية واضحة لتحسين أوضاعهم. غير أن السؤال الأبرز يبقى: لماذا يكون الحل دائمًا على حساب الأهالي؟
مصادر لجان الأهل في المدارس الكاثوليكية حذرت من أن هذه الخطوة ستؤدي إلى زيادات كبيرة في الأقساط، خصوصًا مع مطالبة الأساتذة بالحصول على ٦٥% من رواتبهم بالدولار، ما سيجعل تكلفة التعليم في المدارس الخاصة تفوق قدرة معظم العائلات اللبنانية.
الأزمة الاقتصادية والعبء غير المحتمل
الأهل ليسوا الطرف الذي يجب أن يدفع ثمن غياب سياسات اقتصادية عادلة. فكيف يُطلب منهم تحمّل زيادات جديدة، في حين أن رواتب معظمهم ما زالت تُدفع بالليرة اللبنانية التي فقدت قيمتها؟
التعليم الخاص في لبنان لم يعد رفاهية، بل ضرورة، مع تدهور التعليم الرسمي، لكن إذا استمرت الأقساط في الارتفاع بهذه الوتيرة، فسنشهد موجة نزوح غير مسبوقة من المدارس الخاصة إلى الرسمية التي لم يبقى فيها مقعدًا شاغرًا في ظلّ الأزمات التي اثقلت كواهل الأهالي.
هذا سيؤدي إلى ضغط أكبر على القطاع التربوي ككل، ويضع المدارس الرسمية أمام تحدٍّ يفوق قدرتها الاستيعابية، ما يهدد بانهيار المنظومة التعليمية بأكملها وحرمان آلاف الطلاب من حقهم في تعليم لائق.
الحل يبدأ من الدولة وليس من جيوب الأهالي
بدلًا من تحميل الأهل وحدهم كلفة هذه الأزمة، على الدولة أن تتحمل مسؤولياتها في دعم التعليم، سواء عبر تقديم مساعدات مباشرة للمدارس، أو عبر وضع سياسات تمويل مستدامة لصناديق التعويضات والتقاعد.
كما أن إدارات المدارس مطالَبة بإيجاد حلول متوازنة، فلا يجوز أن تتحول حقوق المعلمين إلى سلاح يُستخدم لابتزاز الأهالي.
في النهاية، لا يمكن إنكار حق الأساتذة في الحصول على رواتب عادلة، لكن الحل لا يكون برفع الأقساط بشكل عشوائي، بل عبر وضع خطة شاملة تحمي حقوق الجميع—المعلمين، الأهل، والطلاب—وتمنع انهيار ما تبقى من قطاع التعليم في لبنان.