main-banner

Education

عام دراسي على حافة الانهيار… المعلمون يُقفلون الصفوف وكرامي في مواجهة مفتوحة

في مشهد مأزوم ومتكرر، لكنّه هذه المرة يبدو أكثر حدّة وجدية، تنفجر أزمة الأساتذة المتعاقدين في لبنان بوجه وزارة التربية، وتحديدًا الوزيرة ريما كرامي، التي تجد نفسها أمام قرار حاسم: إما الحل الجذري للملف أو انتهاء العام الدراسي فعليًا، وليس فقط شكليًا. فالأزمة التربوية المزمنة التي طالما عولجت بالمسكنات، بلغت اليوم نقطة اللاعودة، مع إعلان الأساتذة التزامهم بالإضراب المفتوح، وقرارهم غير القابل للنقاش بإنهاء العام الدراسي.

مصدر تربوي مطّلع، متابع لحراك اللجان والأساتذة، أكد في حديث صحافي أن المعلمين أوصلوا رسالتهم الأخيرة، لا عودة إلى الصفوف قبل إقفال ملف الإنتاجية والمستحقات بشكل كامل، ووقف سياسة “الوعود الفارغة” التي اعتادها الأساتذة في السنوات الماضية. وما يزيد من جدية هذا التوجه، هو توافق رؤساء اللجان التربوية، الذين طالما كانوا خط دفاع الوزارات المتعاقبة، مع قرار الأساتذة. البعض حاول التهدئة، لكن واقع المعلمين المعيشي الكارثي طغى على محاولات التليين.

هذا التصعيد، غير المسبوق في توقيته ومضمونه، يأتي نتيجة شعور عميق بالخذلان. فالمعلمون الذين يقبضون رواتبهم المتأخرة، والمجتزأة، والمهدورة أحيانًا، لم يعودوا مستعدين للعمل “بالسخرة” كما وصف أحدهم، في ظل غياب الحد الأدنى من مقومات العيش، والانهيار الكامل للقدرة الشرائية.

مشكلة إنتاجية الأساتذة المتعاقدين ليست جديدة، لكنها تحوّلت اليوم إلى عصب الأزمة، بعد أن فشلت وزارة التربية أو "تلكأت"، بحسب رواية الأساتذة، في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه. 

الوزيرة كرامي أكدت في إحدى المناسبات أن القرار أُعد وأُحيل إلى وزارة المالية، لكن كلماتها بدت مترددة وغير حاسمة: “اصبروا… قد يتم التوافق عليه”. هذه اللغة الرمادية لم تعد تُقنع أحدًا، بل أجّجت الغضب، خصوصًا مع تحذيرها من أن الإضرابات قد ترتد سلبًا على المعلمين أنفسهم.

هذا التحذير تحديدًا، يبدو أنه فُهم كتهديد مبطّن، مما دفع بعض الأساتذة إلى رفع سقف مطالبهم والدعوة علنًا لاستقالة الوزيرة. حملة الاستقالة التي انطلقت عبر وسائل التواصل، قوبلت بموجة دعم من الأساتذة الذين باتوا مقتنعين بأن الضغط باتجاه إنهاء العام الدراسي هو الورقة الأقوى، وليس الضغط باتجاه الاستقالة فحسب.

وفي هذا الوقت، تحاول بعض الإدارات التعليمية خرق جدار الإضراب، من خلال تنسيق محدود مع أساتذة غير متعاقدين لاستكمال بعض المناهج، في محاولة لتخفيف الضغط عن الطلاب لاحقًا. إلا أن هذا الإجراء لم يغيّر في قرار الأساتذة المضربين شيئًا. فالإضراب مستمر، والرسالة واضحة: “كرامتنا أولًا… ولن نعود بلا حقوق”.

وفيما يغيب أي موقف رسمي واضح من رئيس الحكومة نواف سلام، تشير المعلومات إلى أن بعض النواب، تحديدًا من الشمال، نقلوا رسائل مباشرة إلى السراي الحكومي، مفادها أن الأساتذة جائعون، وأن الأزمة وصلت إلى حائط مسدود. “المعلمون بقلبي”، قالها سلام، لكنها لم تُطعِم أحدًا.

هذه ليست مجرد أزمة قطاعية، بل إنذار مبكر لانهيار ما تبقّى من هيكل التعليم الرسمي في لبنان. والوقت يداهم الجميع: الوزيرة، الحكومة، والطلاب الذين يقفون اليوم في مهبّ أزمة قد تحرمهم من عام دراسي جديد.

فهل تتحرك الحكومة قبل فوات الأوان؟ أم أن العام الدراسي، ومعه الكرامة التربوية، سيكونان أولى ضحايا الإهمال المزمن؟

logo

All Rights Reserved 2022 Loubnaniyoun

 | 
 |